تطل على البحر الأدريارتيكي ومحمية بجبال ديناريك الوعرة، وتقع المدينة في منطقة دالماسية التاريخية - وهي واحدة من أربع مناطق مشهورة في كرواتيا.
سبليت مدينة دالماسية ساحلية وهي عبارة عن متحف نابض ومفعم بالحياة، ويشكل قصرها القديم الذي تم بناؤه قبل 1700 عام على نسق المعمار الروماني خلفية للحياة العصرية لهذه المدينة، بجانب محالها التجارية المتطورة ومقاهيها الأنيقة المتداخلة مع آثار وبقايا الحصون التاريخية.
وتشتهر هذه المدينة أيضاً بأنها كانت مقراً لعطلات الإمبراطور الروماني دغلديانوس في السابق بكثرة السياح الجدد، وذلك بفضل مبانيها المعمارية الرائعة التي شيدت قبل 2000 عام تقريباً.
توجد ساحة حصون قصر دغلديانوس في قلب البلدة القديمة، بجانب متاحف عديدة تضم قطعاً أثرية اكتشفت بداخلها، ولكن معظمها تتبع إلى سبليت أكثر من آثار العهد الروماني، أما ريفا فلديها مرفأ يتميز بكورنيش رائع هو موطن للمهرجانات والمناسبات السياسية، حيث تظهر مفاتنها عندما يحل الظلام، وتعتبر من الأماكن المثالية للترفيه والاستمتاع بالمأكولات البحرية الطازجة، فحفلات المرح لا تتوقف بالنهار بل تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل بغض النظر عن أى يوم من أيام الأسبوع حيث يستمتع بها السكان المحليون والسياح على حد سواء، ويتوجه معظمهم إلى الشاطئ في اليوم التالي لاسترداد حيويتهم ونشاطهم مرة أخرى، أما في باكفايس يستطيع السياح الاستمتاع بمشاهدة أو المشاركة في اللعب والمرح في مياهها الضحلة مع السكان المحليين لعبة «بكن» وهي رياضة دالماسية قديمة شبيهة بكرة الطائرة.
عندما يرغب المرء في الهروب من المدينة، يمكنه التسلق إلى قمة تلة مرجان التي يبلغ ارتفاعها 180 متراً فوق سطح البحر الأدرياتيكي، حيث تتيح فرصة للاستمتاع بالمناظر الجميلة للجزر الموجودة بالخارج.
تعتبر سبليت بوابة تصل إلى العديد من الجزر الدالماسية الوسطى، بما في ذلك جزيرة براك وهفار وسولتا، إضافة إلى تلك التي تقع في أماكن قصية مثل فيس وكاركولا ولا ستوفو.
لقد أصبحت هذه الجزر وجهة لعشاق الرحلات البحرية أيضاً، فالسياح الذين لا يتمكنون من الوصول إلى البلدة القديمة لا يحظون بمعرفة هذه الجزر.
تاريخ سبليت
استوطنت المدينة قبل 1700 على أقل تقدير، حيث كان أوائل المستوطنين من القبائل النيلية، وعلى الرغم من أن التطور المعماري بدأ مع الرومان الذين أسسوا المستوطنة على جانب المدينة، إلا أنها لم تكن معروفة حتى عهد الإمبراطور الروماني دغلديانوس حيث بدأت المدينة تتشكل في فترة حكمه، فدغلديانوس الذي حكم في الفترة ما بين 284 إلى 305 ميلادية، اختار أن تكون المدينة المكان الذي يتقاعد فيه، وقام ببناء قصر ضخم كان يقيم فيه حوالي 10 آلاف شخص، ولاحقاً في القرن السابع أصبح القصر مزدحماً للغاية، ومنذ ذلك الحين بدأت سبليت في النهوض والازدهار.
بالرغم من أنها أسست من قبل إمبراطور وطوقت من قبل العثمانيين، ظلت المدينة كينونة مستقلة مع القليل من التأثيرات الخارجية حتى القرن الخامس عشر ونهاية القرن الثامن عشر، وسقطت دالماسيا وسبليت في أيدي، الفينيسيين، وصارت المدينة عبارة عن ميناء رئيسي ومركز للطرق التجارية توصل إلى الأراضي التي يسيطر عليها العثمانيون.
وبعد سقوط الفينيسيين في 1797، سقطت سبليت في وقت وجيز في أيدي الحكم النابليوني، قبل أن يتم تسليمها إلى إمبراطور النمسا وهنغاريا، وظلت تحت سيطرة أسرة هابسبورغ حتى أدت الحرب العالمية الأولى إلى فصل النمسا عن هنغاريا وبالتالي تغيير الحاكم في سبليت.
وصارت دالماسيا مع سبليت جزءاً من مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا التي غيرت اسمها في 1929 إلى مملكة يوغسلافيا، وأضحت سبليت مركزاً إدارياً وثقافياً رئيسياً في ظل نظام الحكم الجديد، وظلت على حالها حتى بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن هذه المرة كان الحكام ينتمون إلى الحزب الاشتراكي، وعلى الرغم من أنها ازدهرت اقتصادياً بفضل بناء السفن إلا أن حرية التعبير وحق الاختيار كانتا معدومتين عملياً.
وفي 1991، في أعقاب الحرب اليوغوسلافية، أعلنت كرواتيا استقلالها وصارت سبليت جزءاً من جمهورية كرواتيا المستقلة، ومنذ ذلك الحين ساعدتها مبانيها التاريخية الكبيرة لتقف على قدميها مرة أخرى وحولتها إلى وجهة سياحية مزدهرة، فالآن هي ثالث أكبر ميناء للسفن في البحر الأبيض المتوسط، ويبدو أن مستقبلها أصبح مضموناً.
أبرز المعالم السياحية
متحف الآثار الكرواتية: تأسس في 1893، لذا فهو أقدم متحف في البلاد، حيث يضم 150 من الآثار والمنحوتات الحجرية والزجاج والمقتنيات الخزفية تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، كما يضم أيضاً نماذج لمجوهرات وأسلحة وأدوات كانت تستخدم في الحياة اليومية، فضلاً عن عدد كبير من الآثار الحجرية يعود تاريخها إلى فترة الكنائس الكرواتية المبكرة.
متحف البحرية: يقع داخل حصن «جرايب» الذي يعود إلى القرن السابع عشر، ويضم المتحف عدداً ضخماً من الآثار يعود تاريخها إلى حقب تاريخية مختلفة، بما في ذلك أقدم التوربيدات في العالم، ومجموعة من المراسي التي تنتمى إلى حطام السفن القديمة، ومعدات بحرية ونماذج سفن قديمة وحديثة، كما أنه يضم سيرة تقاليد الصيد الأدرياتيكي.
فروجي لاند:عبارة عن شبه جزيرة يبلغ طوله 3.5 كم، محاطة بأشجار الصنوبر وشجيرات البحر الأبيض المتوسط وتتقاطع عندها ممرات المشاة، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بأجمل المناظر البحرية من المنحدرات الجنوبية، من خلال تتبع مسار مقهى «فديليكا» وصولاً إلى «بني» أرض إعادة الخلق.
قصر دالماسيا: تم بناؤه في 295 ميلادية ليكون مقراً للإمبراطور الدالماسي عندما يتقاعد، ويرتكز هذا المبنى الضخم على مساحة مثلثة تبلغ 590 قدماً، مسور ب 4 جدران من الخارج، ولا تزال ساحته العامة كما هي، كما أن معظم أجزاء القصر متاهة من المباني الحجرية والأزقة الضيقة التي أضيفت له منذ القرن الرابع عشر فصاعداً.
ساحة الشعب: تم ربطها مع القصر الدالماسي من قبل زيلجيزنا فراتا، فقد كان يمثل ممشاها الساحة الرئيسية لسبليت منذ القرن الرابع عشر، ويشير السكان المحليون إلى هذا الفضاء الأنيق للساحة المرصوف بالرخام الأبيض ب «باجكا» وتعنى «بيتزا» باللغة الإيطالية.
هل تعلم؟
أن بناء قصر دغلديانوس استغرق 10 سنوات، حيث استخدم السخرة في بناء معظم أجزائه؟
أن كاتدرائية القسيس دومينس التي تعمل حتى اليوم لا تزال تحافظ على هيكلها الأصلي ؟
أن أحجار الجرانيت «أبو الهول» بقصر دغلديانوس كانت في الأصل مصرية وتتبع لتحتمس الثالث؟
أنشطة ممتعة
** الغوص في الساحل: تتيح السواحل الدالماسية فرصة للسياح لممارسة هواية الغوص الممتعة، حيث توجد أجمل نقاط الغوص خارج سبليت، حيث يمكن طلب المساعدة من الجهات العاملة في المجال التي تقدم تجارب مثيرة للغاية في جزيرة «فس» المحاطة بحلقة من حطام السفن.
** نزهة جبل موسور: في بعض الأحيان يكون التنزه في أنحاء سبليت شاقاً، فأولئك الذين يحبون التنزه بالخارج للاستمتاع بمشاهدة المناظر الخلابة يتعين عليهم بذل بعض المجهود، فهو مكان مميز لقضاء يوم جميل، ويستغرق الوصول إليه عبر السيارة أقل من 40 دقيقة.
** الإبحار حول 1000 جزيرة: تعتبر كرواتيا إحدى النقاط الساخنة لليخوت الأوروبية، حيث تفتخر بأكثر من 1000 جزيرة يمكن اكتشافها من خلال الإبحار بالزوارق، فسبليت مركز رئيسي للرحلات البحرية، يسمح للسياح الذين لديهم القدرة على قيادة اليخوت باستئجارها، فليس هناك رحلة أمتع من رحلة التنقل عبر اليخوت في أنحاء الجزر.
** شواطئ المرح: تشتهر المياه الادريارتكية بصفائها ما يجعلها ممتعة لعشاق السباحة، حيث تتباهى سبليت بعدد وافر من الشواطئ اللطيفة، أشهرها شاطئ باكفيس الذي يوجد على بعد 10 دقائق من قصر دالماسيا.
** شلالات كركا: يعتبر التجديف بالزوارق بداخل وبجوار الجزر من أمتع التجارب وأميزها، حيث يمكن للسياح قضاء أجمل اللحظات تجديفاً وسط المياه الدافئة واستكشاف الكهوف والخلجان والتوقف عند مراسي الشواطئ.
** أفضل وقت للزيارة: تتمتع سبليت بمناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل، ومع ذلك تكون باردة ومطيرة خلال فصل الشتاء، أما في الصيف تصل درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، حيث يتوجه الأهالي إلى الجزر بعد أن يقوموا بأعمال بسيطة في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، فيما تملأ الحشود شوارع المدينة، ففي يوليو تصل درجة الحرارة إلى نحو 30 درجة مئوية، وبالمثل تصل الأسعار في هذين الشهرين إلى ذروتها، فشهر مايو/ أيار ويونيو/ حزيران وسبتمبر/ أيلول هي أفضل الشهور لزيارتها، مع درجات حرارة تصل حوالي 25 درجة مئوية.