حتى التسعينات من القرن الماضي كانت عاصمة الدنمارك كوبنهاجن لا تزال مترددة في نفض غبار الرجعية عنها. ومع مطلع الألفية الثالثة بدأت المدينة تستثمر في البنية التحتية والثقافية، وقد نجحت بذلك في تحويل نفسها إلى مدينة عالمية بحق. أما اليوم فقد أفرزت المدينة العديد من المواهب الشابة من مصممين ومهندسين وطهاة محترفين؛ حيث أصبحت تقارن في مستواها بمدن أخرى تشتهر بروعتها مثل برشلونة وأمستردام. وكنتيجة لذلك، يحرص سكانها على أن تفوز مدينتهم مراراً بلقب المدينة الأكثر سعادة في العالم.
تقع كوبنهاجن، التي لا تزال تتخذ عاصمة للدنمارك منذ العام 1343، على جزيرة زيلاند الدنماركية، وهي تطل على جزيرة مجاورة صغيرة تدعى أماجر، وعدد من الجزر الطبيعية والاصطناعية بين الجانبين. وأكسب الموقع الساحلي لقرية الصيد الأصلية هذه اسم كوبنهاجن الذي يعني الميناء التجاري.
وتطورت كوبنهاجن لتصبح مركزاً إقليمياً، بعد أن كانت بلدة صغيرة تطل على البحر، وأصبحت مقراً للحكومة، ومقر إقامة العائلة المالكة الدنماركية. وغالباً ما يشار إليها باسم مدينة الأبراج، لكن كوبنهاجن تشتهر أيضاً بأفقها الممتد، والذي لا يقطعه سوى العديد من القباب المدببة للكنائس، وعدد من القلاع والقصور.
أبرز المعالم
إن ما تفتقده كوبنهاجن من معالم بارزة كبيرة، يتم تعويضه بتمثال صغير الحجم يقبع فوق صخرة في ميناء لانجيليني. وقد تم استلهام رمز كوبنهاجن، وهو تمثال حورية البحر الصغيرة، من رواية الكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسن، التي كتبها عام 1837 وتحمل الاسم نفسه، وأصبحت نقطة جذب سياحية رئيسية منذ الكشف عنها في عام 1913. ولكن لا تستغرب الأمر إذا وجدت أن التمثال صغير للغاية.
وباعتبارها مدينة تشتهر بتصاميمها الجميلة، فإن كوبنهاجن تمتلك العديد من المتاحف الفنية المهمة؛ إذ يحتوي المعرض الوطني الدنماركي، الذي يقع في وسط كوبنهاجن أو أندر بي، بعضاً من أفضل أعمال رامبرانت، وبيكاسو، وماتيس، بينما تجد في شمال زيلاند متحف لويزيانا للفن الحديث. وإضافة إلى المناظر الخلابة التي يوفرها عبر جزيرة أوريزوند، يتضمن المتحف مجموعة هائلة من الأعمال الفنية الحديثة، والمعارض المؤقتة ذائعة الصيت.
وتتميز الدنمارك بمكانة خاصة؛ لكونها أقدم مملكة في العالم، وتقيم الأسرة المالكة الدنماركية في يومنا هذا في قصر أمالينبورج الملكي. ويفتح القصر ساحته ثُمانيّة الأضلاع للزوار من العامة، والتي يحرسها نوع خاص من الحرس يطلق عليه اسم حرس المراسم الملكية. ويعود قصر روزنبورج إلى عصور النهضة الأوروبية، وبالرغم من حجمه الصغير، فإنه يتميز بتصاميمه الجميلة؛ حيث يستخدم القصر كمتحف للتاريخ الملكي، وكموطن للتاج المرصع بالجواهر، المعروض في سراديب القصر.
وكمدينة ساحلية، تمتلك كوبنهاجن نصيباً وافراً من الشواطئ الجميلة، كما يتميز الميناء الداخلي للمدينة بمياهه الصافية، لدرجة يمكنك معها السباحة في تلك المياه. وتقع أقرب الشواطئ في حصن شارلوتنلوند، وحديقة شاطئ أماجر.
القطارات السريعة
تعد وجبة الفطور المتأخر والغداء الباكر من الأمور المميزة في كوبنهاجن. ونتيجة للأنشطة المسائية المدهشة في هذه المدينة، لن يجد المرء صعوبة في فهم السبب وراء تناول سكانها لوجبة الفطور بشكل متأخر، وعدم انتظارهم لموعد وجبة الغداء. وتحتوي المدينة على أكثر من 2000 مقهى ومطعم، يتمركز العديد منها حول فستربرو وحدائق تيفولي، وساحة تاون هول، ومحطة القطار المركزية أو في نيهافن.
وتنتشر أكشاك بيع الأطعمة على نطاق واسع؛ إذ يمكنك شراء شطائر النقانق من إحدى عربات بيع النقانق المنتشرة على جوانب الطرقات، والتي تعد من العناصر الثقافية المميزة للمدينة. وتشمل قائمة الأطباق الدنماركية المتميزة الأخرى طبق الشطائر المفتوحة سموريبروت، وطبق كرات اللحم فريكاديلر.
سوف يتمتع الأطفال و(البالغون) من جميع الأعمار بفرصة زيارة مدينة ليجولاند الأصلية للألعاب في بيلوند. وتعد ليجولاند أكبر معلم سياحي خارج كوبنهاجن؛ حيث تبعد 250 كيلومتراً عن العاصمة، وتستقبل المدينة الترفيهية التي تتميز بقطارات الإثارة السريعة ذات المسارات الملتوية ومعالم الجذب الأخرى مليوني زائر سنوياً.
وإذا كان لا يزال هناك متسع على جواز سفرك لختم آخر، يمكنك استغلال ذلك للقيام برحلة سريعة إلى السويد. وتعد الرحلة إلى السويد في منتهى السهولة انطلاقاً من الدنمارك، حيث يؤدي جسر أوريزوند، الذي يمتد لنحو ثمانية كيلومترات إلى مدينة مالمو السويدية مباشرة. وترتبط الكتلة الرئيسية للقارة الأوروبية بالدول الإسكندنافية، من خلال وسائل متعددة، كالجسور والسكك الحديدية، ولا يستغرق الانتقال بين الجهتين سوى 30 دقيقة بالسيارة أو بالقطار، ويوفر ذلك فرصة رائعة لرؤية المزيد من الدول الإسكندنافية.
تصل الرحلات إلى كوبنهاجن مع طيران الإمارات إلى مطار كوبنهاجن، الواقع في كاستروب على جزيرة أماجر، على بعد 8 كيلومترات فقط إلى الجنوب من وسط كوبنهاجن. وتمتلك العاصمة شبكة ممتازة من وسائل المواصلات العامة؛ إذ يمكن للمسافرين القادمين على الرحلات إلى كوبنهاجن استخدام مترو المدينة أو خطوط قطارات أويزوند، التي تستغرق أقل من 15 دقيقة للوصول إلى وسط المدينة. كما يمكن للمسافرين القادمين على الرحلات إلى كوبنهاجن استخدام إحدى الحافلات العديدة التي تخدم المطار، أو سيارة أجرة؛ لتقلهم إلى وجهتهم المقصودة.
جولة خاصة
عد بطفولتك إلى الوراء مع زيارة ليجولاند بيلوند؛ حيث مكعبات ليجو الشهيرة والمحبوبة من قبل الأطفال، من قلب أكثر المتنزهات التخصصية شهرة في الدنمارك.
* تمضي اليوم الأول متجولاً في جميع أنحاء المدينة، بعد وصولك إلى كوبنهاجن، وتنتقل إلى الفندق الذي تقيم فيه.
* في اليوم الثاني هناك الكثير لمشاهدته والقيام به في هذه المدينة الرائعة. ولعل من بعض التوصيات أن تأخذ رحلة بالقارب من نايهافن عبر المدينة، وتتمتع بوقفة تصوير مع تمثال الحورية الصغيرة، أو تقضي فترة الصباح في حدائق تيفولي، التي توفر ألعاب ركوب وتجارب ترفيه أصيلة.
* في صباح اليوم الثالث تنتقل إلى المطار الداخلي؛ حيث تستقل الطائرة إلى بيلوند -موطن ليجولاند- بمجرد وصولك، تنتقل إلى فندق ليجولاند بيلوند؛ لاستلام غرفتك، ثم تتوجه مباشرة إلى المتنزه التخصصي، باستخدام تذاكر الدخول الصالحة لمدة يومين.
* تمضي اليوم الرابع باستكشاف ميني لاند، وهو عالم كامل من المعالم الشهيرة المصنوعة بأكملها من مكعبات ليجو أو منطقة الخيال، حيث يمكن لخيالك أن يسرح كما يحلو لك.
* في فترة ما بعد ظهر اليوم الخامس، يتم نقلك إلى المطار الداخلي؛ لتستقل رحلة العودة إلى كوبنهاجن، وعند وصولك، تقضي بقية اليوم كما يحلو لك؛ للتمتع بالتسوق للهدايا التذكارية، وربما قطعة صغيرة من الخزف من مصنع رويال كوبنهاجن.
* استغل فترة الصباح من اليوم السادس؛ لاستكشاف المتاجر على طول شارع ستروجت، أحد أطول شوارع التسوق للمشاة في أوروبا، قبل أن تنتقل إلى المطار لتستقل رحلة العودة إلى دبي، أو أي مكان آخر في العالم.