إعداد: قرشي عبدون
«جزيرة تسمانيا» الجبلية نفسها، وعدة جزر صغرى، مفصولة عن الساحل الجنوبي الشرقي من البر الرئيسي لأستراليا عن طريق مضيق باس، عاصمتها هوبارت، وكانت تُعرف باسم أرض «فان ديمن» حتى عام 1855، وتعد من الوجهات السياحية الرئيسية، يتجاوز سكانها 500 ألف نسمة.
هذا الأرخبيل قوامه الجمال الطبيعي الفريد، فالجزيرة توازي أيرلندا حجماً، وفوق ذلك تتباهى بمناظرها الطبيعية المذهلة، التي تتميز بالتنوع، من قمم جبالها المكسوة بالثلوج والشواطئ الرملية الشاسعة إلى غاباتها الاستوائية، ومروجها المتموجة.
تحتل المنتزهات الوطنية ثلث الجزيرة تقريباً، وأبرزها منطقة تسمانيا البرية للتراث العالمي، التي تعد موطن أطول النباتات المزهرة في العالم، وثاني أطول الأشجار - بعد ردووز كالفورنيا، وتؤوي هذه الغابات حياة برية فريدة من نوعها، العديد منها من الأنواع المتوطنة؛ حيث لا يوجد مثلها في أي مكان آخر في العالم، ومن أشهر الأمثلة لتلك الحيوانات هو «شيطان تسمانيا» الذي يمتاز بالأنياب الحادة، الذي يعد من أكبر الحيوانات آكلة اللحوم على وجه البسيطة، تشمل الحيوانات الأخرى المفضلة، بطة بلاتيبوس، والبطريق الجميل والولب.
بخلاف كنوزها الطبيعية الوفيرة، أصبحت تسمانيا من الوجهات الثقافية المهمة بشكل متزايد، وقد تطور مشهدها الفني في هوبارت في السنوات الأخيرة؛ حيث اكتسبت شهرة عالمية في 2011، مع افتتاح متحف الفن القديم والمعاصر، وهو من أكبر المتاحف التي أقيمت بالتمويل الخاص في أستراليا.
وفي ذات الوقت، انبثقت «تسمانيا» كواحدة من الوجهات المثيرة لفنون الطهي؛ حيث أكسبت مطاعم ملبورن وسيدني زخماً وتسابقاً، فنجاحها كوجهة لذواقة الطعام لديه علاقة كبيرة بالجزيرة نفسها، ف«تسمانيا» لا تتباهي بهوائها الذي يعد الأنقى في العالم فحسب؛ بل بتضافر تربتها الخصبة ومحيطاتها التي توفر الطهاة المحليين بجانب بعض أنقى المكونات المتوفرة.
ولفترة طويلة، كان السكان المحليون يضحكون على عزلتها وطرقها القديمة الطراز؛ لكن مع تدفق الأستراليين والسياح الدوليين إلى الجزر بأعداد متزايدة، هناك شعور بأن «تسمانيا» هي من ضحكت في الآخر.
تاريخ تسمانيا
استوطن السكان الأوائل في تسمانيا قبل حوالي 34 ألف سنة؛ عندما كان الأرخبيل لا يزال متصلاً بالأراضي الرئيسية لأستراليا؛ حيث أدى الارتفاع في مستوى البحر، الذي حدث بسبب الزيادة في درجات الحرارة العالمية إلى انفصالها في نهاية المطاف؛ لكن على الرغم من عزلتها، تشبث السكان الأصليون فيها؛ ليصبحوا سلالة تعيش في أقصى جنوب هذا الكوكب.
وعلى الرغم من بقائهم على قيد الحياة خلال العصر الجليدي، والذوبان الذي أعقبه، لم يستطع السكان الأصليون تحمل البريطانيين، الذي احتلوا الجزر في 1856؛ وذلك بعد 200 عام من اكتشافها من قبل المكتشف الهولندي ابل تسمان من متن زورقه.
احتلال بريطانيا لأرض «فان ديمون»، كما كانت تُعرف آنذاك، كان مريراً ومدمراً بالنسبة للسكان الأصليين؛ حيث تقهقر عددهم من 4000 إلى 200 خلال 3 عقود فقط؛ حيث ألقى اللوم على الأمراض التي نقلها الأوروبيون إليهم؛ لكن بعض المؤرخين البارزين يعزون السبب إلى الحرب السوداء، التي نشبت بين المستعمرين البريطانيين والسكان الأصليين في الفترة ما بين 1828 - 1832، وهي الفترة التي يزعم أن البريطانيين ارتكبوا مجزرة. لم يكن البريطانيون يبدون الرحمة والشفقة حتى تجاه رجال بلدهم، ف«تسمانيا» في ظل الحكم البريطاني أصبحت مستوطنة عقابية سيئة السمعة لحثالة المجتمع البريطاني، وبانتهاء نقل المدانين في 1853، نفي حوالي 75 ألفاً من سجناء يقدر عددهم ب 160 ألفاً إلى «فان ديمون»، وانتهى المطاف بحوالي 12 ألفاً منهم في سجن «بورت آرثر» صاحب السمعة السيئة؛ حيث وصفه نزلاؤه ب «جهنم الدنيا».
وفي 1856 تم تغيير اسم «فان ديمون» إلى «تسمانيا»؛ تكريماً لمكتشف الأرخبيل، (ابل تسمان)، وعلى الرغم من ذلك ظلت «تسمانيا» تعد جزءاً من الإمبراطورية البريطانية حتى 1901، عندما نالت أستراليا استقلالها، وعلى الرغم من رحيل المحتلين البريطانيين منها، ظلت القضايا الخلافية باقية في «تسمانيا»، ومنذ السبعينات ظلت الحكومة المحلية تسعى إلى وضع سياسات صديقة للبيئة، التي يقول منتقدوها إنها تخرب سمعة «تسمانيا»؛ حيث قادت معارضة هذه السياسات إلى تشكيل أول حزب للخضر في العالم.
منتزه أسوار القدس الوطني
يقع في منطقة الهضاب الوسطى لـ«تسمانيا»؛ حيث يتيح مناظر طبيعية خلابة في غاية الروعة، وهو مثالي لرحلات التنزه؛ حيث يعتقد أن منحدرات المنتزه تضاهي أسوار القدس المحتلة، التي استمد منها اسمه.
منتجع بن لموند
تتمتع «تسمانيا» بعدد من منتجعات التزلج، أكبرها منتجع «بن لموند»، الذي يعد موطناً لرحلات التسلق إلى القمة، فلو كنت ممن يرغبون التزلج هناك، ينصح بالإقامة في نزل «كريك» أحد الفنادق المبنية في أكثر المناطق ارتفاعاً، حتى خلال فصل الشتاء تكون زيارة «بن لموند» ممتعة؛ حيث تتفتح الأزهار البرية الألبية بشكل مكثف خلال فصل الربيع والصيف عندما يكون التجوال وسط الغابات النشاط الأساسي.
ممشى تاهون
يرتفع عن سطح الأرض حوالي 37 متراً؛ حيث يشكل هذا الممر المرتفع الشامخ جزءاً من مسار هون ويتيح فرصة الاستمتاع باستنشاق الهواء النقي، فالممشى لديه منحنيات تقود إلى بركة هاستينج الساخنة، والكهوف والخلجان المسقوفة لقناة انتركاستيوكس.
شلالات راسل
توجد بمنتزه «ماونت فيلد» الوطني، ويستمتع السياح هنا عند هذه الشلالات المنهمرة بمشاهدة مياهها المتدفقة إلى أسفل من علو يبلغ 45 متراً، وتتيح هذه الشلالات مناظر طبيعية خلابة ليس لها مثيل؛ حيث تعد من أكثر الشلالات التي يتم التقاط الصور لها من بين كل شلالات أستراليا.
أفضل وقت للزيارة
يميل فصل الصيف إلى الحرارة أكثر منه إلى السخونة، بينما يتميز فصل الشتاء بالرطوبة، والبرودة والعواصف ولا سيما في الناحية الشرقية من الجزيرة.
هل تعلم؟
- أن «تسمانيا» تتمتع بأنقى هواء في العالم؟
- أن آخر من بقوا على قيد الحياة من السكان الأصليين ل«تسمانيا»، يقال إنها امرأة تسمى تروجانيني، الذي أنهى موتها في 1856 سلالة ظلت باقية منذ العصر الجليدي.
- أن قرار الحكومة المحلية لغمر بحيرة بيدر في السبعينات قاد إلى تشكل أول حزب للخضر - جماعة تسمانيا المتحدة