مدينة ساو باولو الواقعة على مرتفع قريب من المحيط الأطلسي، تأخذك بدورها إلى قرون خلت من خلال مزيج فريد من أجناس أولئك الآتين من إفريقيا وبلاد المشرق العربي واليابان، بالإضافة إلى السكان الأصليين لأمريكا الجنوبية.
ساو باولو الفريدة لكونها المدينة الأكبر في أمريكا اللاتينية وثالث أكبر مدن العالم، تذهلك بحجمها وتعداد سكانها الذي تجاوز ال 20 مليوناً. وهذا يمثل إحدى أبرز نقاط الجذب في هذه المدينة الزاخرة بثقافتها وحيويتها، حتى أطلق عليها اسم «مدينة الفنون»، وتعد أكثر المدن حداثة وعالمية في البرازيل، إضافة إلى كونها بوتقة حقيقية لانصهار العديد من الجنسيات.
مدينة ساو باولو، هي أول مدينة عملاقة في نصف الكرة الجنوبي، وتضم 65 بلدية تأوي في مجملها 12 في المئة من سكان البرازيل.
الولاية سميت على اسم القديس بولس الطرسوسي، وهي أغنى ولاية برازيلية وتعتبر مجمعاً صناعياً كبيراً، وغالباً ما يطلق عليها اسم «قاطرة البرازيل»، فالولاية وحدها هي مسؤولة عن ثلث الناتج المحلي الإجمالي البرازيلي. ساو باولو وحدها أكثر ثراء من الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي وبوليفيا مجتمعة. وإذا كانت ساو باولو دولة مستقلة، فستكون في بين العشرين الأوائل في دول العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي.
ولاية ساو باولو
45 مليون نسمة عدد سكان ولاية ساو باولو، وشعبها من أكثر الشعوب تنوعاً في البلاد، وينحدر معظمهم من الإيطاليين الذين بدؤوا الهجرة إلى البرازيل في أواخر القرن التاسع عشر، ومن البرتغاليين الذين استعمروا البرازيل وأسسوا أول مستوطنة أوروبية في المنطقة؛ والشعوب الأصلية وعدد كبير من المجموعات العرقية المختلفة؛ والمهاجرين من العرب والألمان والإسبان واليابانيين والصينيين، وكذلك السود الذين استعبدوا في إفريقيا في الحقبة الاستعمارية.
زار الملاحون البرتغاليون والإسبان سواحل ساو باولو في أوائل القرن السادس عشر. وفي عام 1532 أسس مارتيم أفونسو دي سوزا أول مستوطنة برتغالية دائمة في الأمريكيتين، وهي قرية ساو فيسنتي في بايكسادا سانتيستا. في القرن السابع عشر، كثف المستوطنون استكشاف المناطق الداخلية من المستعمرة، فتوسع المجال الإقليمي للإمبراطورية البرتغالية في أمريكا الجنوبية.
وفي القرن الثامن عشر، بعد قيام مقاطعة ساو باولو، زادت أهمية المنطقة سياسياً. وبعد الاستقلال، نمت ساو باولو لتصبح منطقة إنتاج زراعي رئيسية في إمبراطورية البرازيل، تقوم أساساً على البن. وأنتجت المنطقة طبقة ريفية إقليمية غنية، تحكمت في قيادة حكومة برازيلية مع نخبة ميناس جيرايس خلال فترة الجمهورية الأولى. وكانت الولاية في فترة فارغاس أحد رواد عملية التصنيع وأصبحت مدنها من أكبر المناطق الحضرية في الاتحاد.
مركز ثقافي
وقد تطورت المدينة خلال السنوات الماضية، وهي تعد مدينة رائدة ومركزاً متميزاً للثقافة، يتعين على الزوار التعرف إليها واستكشافها بشكل جيد أولاً قبل أن تتحول إلى شغف يستحيل نسيانه بالنسبة إليهم.
أما أبرز المعالم التي يجب ألا يفوت الزائر فرصة زيارتها فتضم أوبيليسكو دو ايبيرابويرا (نصب الجندي المجهول) الواقع في وسط ساو باولو، وتياترو مونيسيبال (المسرح البلدي) ومتحف إيبيرانجا. وللتسوق يجب زيارة المتاجر وبوتيكات الأزياء والمجوهرات في منطقة جاردين.
وللترفيه، يمكن استكشاف المعارض الفنية والمتاحف مثل متحف الفنون في ساو باولو، بالإضافة إلى التشكيلة المذهلة من المطاعم، في جادة باوليستا المفعمة بالنشاط والحيوية، إضافة إلى متنزه إيبيرابويرا.
جولة خاصة
تنظم الإمارات للعطلات، جولة سياحية ليوم كامل بسيارة خاصة مع سائق تشمل التسوق، وتوفر الجولة السياحية الشاملة فرصة ممتازة للتعرف إلى المدينة وأحيائها المختلفة، حيث تأخذك الرحلة أولاً إلى المناطق السكنية في «هيجيينوبوليس» التي تضم مباني سكنية تعود إلى فترة الخمسينات من القرن الماضي، وملعب «باكايمبو» لكرة القدم، مجمع كلية الطب، قبل التوجه إلى تلة مورومبي للتمتع بالإطلالات الخلابة على المدينة ومنطقة جارديم السكنية.
تأخذك الرحلة إلى متنزه إيبيرابويرا الذي يمتاز بحدائقه وبحيراته الجميلة، وعند مدخل المتنزه يستمتع الزائر برؤية تمثال بانديرانتيس البديع الذي يخلد ذكرى المستوطنين الأوائل الذين أسهموا في توسيع أمريكا البرتغالية من مجرد جيوب شاطئية صغيرة، ليمتد نفوذهم تقريباً على كامل مساحة البرازيل حالياً. ويقع إلى اليسار من هذا التمثال، مبنى مجلس النواب ونصب أوبيليسكو دو إيبيرابويرا، كما يضم المتنزه القبة السماوية لمدينة ساو باولو، متحف الفنون المعاصرة ومعرض بينالي ساو باولو للفنون الذي يقام مرة كل سنتين.
بعدها تأخذك السيارة الخاصة بك إلى الحي الياباني، وكاتدرائية ساو باولو، ومركز المدينة الزاخر بالحيوية، وبالنسبة إلى عشاق التسوق، يمكنهم زيارة شارع أوسكار فرير الذي يضم مجموعة متألقة من المطاعم، متاجر الأزياء، محال المجوهرات، المقاهي الأنيقة والمعارض الفنية، التي يبيع كثير منها الماركات البرازيلية المميزة والتي لا تتوافر إلا في هذه المدينة. ويتم تسيير هذه الجولة السياحية يومياً، وهي تشمل المواصلات من وإلى الفندق ودليلاً سياحياً يجيد الإنجليزية.
مدينة حيوية
تمثل ناطحات السحاب المنتشرة على امتداد جانبي جادة باوليستا شاهداً على حيوية المدينة وتراثها الفني الغني، وقد تحولت المدينة إلى المركز الصناعي والتجاري الأول في أمريكا اللاتينية، وهي اليوم العاصمة الاقتصادية للبرازيل، بعد أن كانت يوماً العاصمة السياسية أيضاً.
وتشتهر ساو باولو بمأكولاتها المتميزة، والفرص الترفيهية المتنوعة وحياة السهر، إضافة إلى المتاحف التي تعتبر من بين الأروع في قارة أمريكا اللاتينية. ونظرًا لوجود مطاعم كثيرة في حي جاردينز الذي يقدم كل أنواع الأطعمة الممكنة لزواره من كل أنحاء العالم، فإن ذهابك إلى ساو باولو لتناول الطعام فقط لن يكون بالأمر السيئ. لكن إذا كان الأمر كذلك، فستفوتك فرصة زيارة المتاحف ذات المستوى العالمي والقيام بجولات في الأحياء التي تنبض بالنشاط والحيوية والتسوق الممتع الذي يسلب الألباب.
أبرز 7 معالم في المدينة
* حديقة إيبيرابويرا: صممها المهندس روبرتو بيرل ماركس وتضم مساحات خضراء هائلة فضلاً عن الملاعب والممرات والبحيرات، وتحيط بها المباني الثقافية الحديثة المصممة من قبل المعمار العالمي أوسكار نيماير وأهمها قاعة الموسيقى، وتحتوي الحديقة على نصب بانديراس التذكاري.
* متحف الفنون الجميلة: من تصميم أوسكار نيماير وقد افتتح عام 1957 ويقع داخل حديقة إيبيرابويرا، ويحتوي على أكثر من 8 آلاف قطعة فنية تمثل المدارس الفنية المختلفة، كما يضم واحدة من أكبر مجموعات أمريكا اللاتينية للفن الغربي في القرن ال20.
* الكاتدرائية القوطية الجديدة: أنشئت على موقع الكاتدرائية السابقة واستمر بناؤها من 1913 إلى 1967 وتعطل خلال الحربين العالميتين، مما جعل من الصعب الحصول على العناصر الزخرفية من إيطاليا. تتزين الواجهة بتماثيل لشخصيات دينية من العهد القديم، وفي الداخل تصور النوافذ الملونة والأعمدة تاريخ الكاثوليكية في البرازيل.
* ساحة باتيو: تقع إلى الشمال مباشرة من الكاتدرائية وتعتبر مركز المدينة وموطن الكثير من المعالم السياحية في ساو باولو بما في ذلك كلية باتيو التي أسسها مانويل دي نوبريجا وخوسيه دي أنشيتا في العام 1554.
* متحف الفن: افتتح عام 1968 وهو من أوائل المتاحف الفنية في القارة التي سلطت الضوء على فناني القرن العشرين، حيث يحتوي على المجموعة الأكثر تميزاً من الفن الغربي في أمريكا اللاتينية بما في ذلك أعمال رينوار وفان جوخ وماتيس ومانيت وبيكاسو جنباً إلى جنب مع 73 من المنحوتات التي أعدها الفنان ديغا.
* مسرح المدينة: صمم من قبل المهندس المعماري راموس دي أزيفيدو الذي صمم أوبرا باريس، ومنذ افتتاحه في عام 1911 أصبح واحداً من أهم المعالم السياحية في ساو باولو ومركزاً رئيسياً للفنون المسرحية في أمريكا الجنوبية، وازداد شهرة في عام 1922 عندما شهد أحدث ثورة للفنون في البرازيل، وقد تم تجديد المبنى بالكامل وأعيد افتتاحه في عام 1991.
* حديقة الاستقلال: تحتفل الحديقة بإعلان استقلال البرازيل من قبل الأمير بيدرو عام 1822، وتحتوي على حدائق الزهور والنوافير المستوحاة من تلك الموجودة في قصر فرساي بفرنسا، كما تضم متحف بوليستا الذي تم تصميمه على الطراز النيوكلاسيكي الإيطالي من قبل المهندس المعماري الإيطالي توماسو جودنزيو بيزي.
أيام الزيارة
تختبر أمريكا الجنوبية فصلين رئيسيين، الموسم الماطر خلال شهور الصيف من ديسمبر/ كانون الأول إلى مارس/ آذار والموسم الجاف في الشتاء من مايو/ أيار إلى أكتوبر/ تشرين الأول. ساو باولو ليست مدينة موسمية، فهي ترحب بالزائرين طوال أيام السنة، ولكن نأمل أن يرشدك هذا الجدول الخاص بالطقس إلى أفضل الأوقات لزيارة هذه المدينة الخلابة.