تشتهر مدينة روتردام الهولندية بتنوعها العرقي ومجتمعها النابض بالحياة، وهناك في المدينة إرث بحري مثير للاهتمام وثروة من المتاحف عالية الطراز، وهو ما يجعل منها وجهة رئيسية عند زيارة هولندا، خاصة إذا ما كنت ماراً بها عبر القطار فائق السرعة، في طريقك إلى العاصمة أمستردام أو نحو الجنوب. تعرضت روتردام، وهي ثاني أكبر المدن في هولندا والملقبة ببوابة أوروبا، للقصف الشديد خلال الحرب العالمية الثاني، وقضى سكانها العقود التالية في إعادة بنائها، لذا فإنك لن تجد الكثير من آثارها، حيث جرت إزالتها مع غيرها من الأنقاض ومخلفات الحرب الأخرى. ولكنك ستجد في مكانها جمالية معمارية فريدة من نوعها في أوروبا، ويبدو ذلك واضحاً من نهج الحركة التقدمية الدائمة للعمارة.
وتشتهر المدينة باحتضانها لأكبر ميناء لمناولة الحاويات في أوروبا، كما أن تاريخها البحري غني للغاية، لكنها ليست مدينة عالقة في الماضي. ومع معالمها المعمارية اللافتة، وشوارعها التي تهيمن عليها الفنون بأشكالها، إلى جانب المطاعم والمقاهي العديدة، فإن روتردام تبحر مع روح الأناقة ومدينة تستحق الزيارة.
وبعد تسويتها بالأرض بعد قصفها خلال الحرب العالمية الثانية، حولت روتردام نفسها بسرعة ونهضت فيها موجة من المباني الحديثة، لتدعم مكانتها في ريادة الطريق المعماري. تجوّل في روتردام، وسترى أمثلة على الأساليب والأنماط المعمارية اللافتة والمميزة والمثيرة للإعجاب، التي تغطي حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا، منها:
1- بيت المكعبات:
صممه المهندس المعماري بيت بلوم، وبني في الفترة بين أواخر عقد السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن العشرين، وهو عبارة عن سلسلة مبتكرة من المكعبات الصفراء والرمادية التي مهدت الطريق أمام أسلوب الهندسة المعمارية الحديثة في روتردام.
2- مبنى «دي روتردام»:
تمت تسمية هذا المبنى تيمناً بإحدى السفن الأصلية التي كانت تعمل على خط «هولاند أمريكا لاين» التاريخي، وقد اكتمل بناؤه في عام 2013، ليصبح أكبر المباني في هولندا. ويستضيف «دي روتردام» في أبراجه الأسمنتية الثلاثة مجموعة من الفنادق، والمطاعم، والمكاتب، والشقق السكنية.
3- مبنى المحطة المركزية «سنترال ستيشن»:
انتهت أعمال التجديد المذهلة لمحطة الحافلات والقطارات المركزية «سنترال ستيشن» في مارس من عام 2014، لمواكبة الارتفاع الكبير في عدد الركاب والمسافرين. ونجد أن المبنى يحتوي على واجهة زجاجية شفافة عند النظر إليه من الجانب الشمالي، في حين يكون المدخل الجنوبي للمحطة على شكل سقف مائل مع الساعة.
4- جسر «إيراسمبوسبورج»:
يلقب جسر «إيراسمبوسبورج» بالبجعة بسبب شكله الرشيق، وقد جرى تصميمه من قبل المهندس المعماري بين فان بيركل في عام 1996، وهو يمتد بطول 800 متر عبر نهر «ماس»، وقد أصبح رمزاً للمدينة.
5- مصنع «فان نيلي»:
مصنع «فان نيلي» أو «فان نيلي فابريك» كما يعرف باللغة الهولندية، هو مصنع للقهوة والشاي والتبغ، وقد بني بين عامي 1925 و1931، ويعتبر رمزاً للأبنية الصناعية في القرن العشرين، ووضعته اليونسكو في قائمة التراث الإنساني العالمي في عام 2014.
الفنون والتصميم
وتحظى روتردام بمجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي لا يقتصر وجودها على المتاحف، فهناك العديد من صالات العرض المعاصرة، كما يوجد فيها أحد أقدم المتاحف الهولندية، وأينما تجولت في المدينة، فإنك ستجد المنحوتات في الهواء الطلق، والصروح المنصوبة، وفنون الشوارع المنتشرة في جميع الأنحاء، ومنها:
متحف «فان بويجمانس بوينجين»:
يعتبر متحف «فان بويجمانس بوينجين» أحد أقدم المتاحف في هولندا، وهو أحد أرقى المعارض الفنية في أوروبا بأسرها، بمجموعة مثيرة للإعجاب تشمل اللوحات الهولندية والأوروبية خلال الفترة من العصور الوسطى إلى القرن ال 21.
وستجد في المتحف أعمال الرسّامين المشهورين، مثل رامبرانت، وفان جوخ، ومونيه، وموندريان، و ماغريت، فضلاً عن صالة عرض خاصة بأعمال سيلفادور دالي.
مركز الفنون المعاصرة «ويت دي ويذ»:
يقع هذا المركز في أحد أروع شوارع روتردام، وتقدّم هذه المؤسسة الفنية الدولية التي أنشئت في عام 1990 الفنون الحديثة والمعاصرة بفضل السمعة الشهيرة التي تحظى بها معارضها المتميزة.
متحف الصور الهولندي:
يقع هذا المبنى في مستودع سابق أسفل الواجهة النهرية، ويستضيف المتحف معارض خاصة كبيرة تتراوح بين أعمال النجوم العالميين إلى المواهب الشابة الناهضة والقادمة.
متجر «جروس»:
«جروس» هي الكلمة المرادفة لمعنى «الفخر» في اللغة الهولندية، ويبيع هذا المتجر المبني بمفهوم البوتيك تشكيلة مدهشة من قطع المصممين الذين يتخذون من روتردام مقراً لهم.
وتتراوح السلع المعروضة في المتجر بين أغطية الوسائد المطبوعة بأشكال هندسية مزخرفة، وأعمال السيراميك، والأزياء الأنيقة، والمجوهرات المصنوعة يدوياً، وحتى قطع الأثاث الخشبية.