ريكيافيك.. سيمفونية الطبيعة المتناغمة

عاصمة آيسلندا، وميناؤها على الساحل الغربي، تقع على الشواطئ الجنوبية لخليج فاكسافلوي، يهيمن على خلفيتها جبل «إسجا» المهيب، فالمناظر الطبيعية الساحرة حاضرة في كل مكان بالمدينة.
على الرغم من جمالها الطبيعي الواضح، فإن هذه العاصمة الأكثر شمولاً في العالم تعتبر مكاناً نابضاً بالحياة، وموطناً لصفوف من المنازل الملونة مع قاطنيها الذين يعطون الحياة في الوقت الحاضر معنىً مختلفاً كلياً. إنه المكان الذي تتمركز فيه الأنشطة الرائعة في الهواء الطلق بجانب بحرها وتلالها وأنهارها وغاباتها و أحواض سباحتها الدافئة المترابطة كلها بشكل موسيقي، إنها سيمفونية من الطبيعة المتناغمة والساحرة.
ينصح السياح بالبدء بالشاطئ الصناعي ب«نوثولسفيك» حيث تتمازج الرمال الذهبية ومياه البحيرة الحارة لدرجة أنها تخلق شعورا بالسعادة، فالسياح الباحثون عن الأنشطة التي تتطلب طاقة أكبر، كأنشطة ركوب الدراجات، والتنزه وركوب الحصان، والإبحار و الصيد، يمكنهم الاستمتاع بها كلها عند عتبة المدينة.
فكل عجائب الطبيعة هذه تدل على أن المدينة لديها الكثير لتقدمه في الريف أيضا، كما أن حياتها الليلية فريدة وعامرة، حيث الحفلات الموسيقية الصاخبة وأماكن الترفيه المسائية التي تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح، فالسياح المولعون بالليالي الساهرة لن يحتاجوا غير بعض المال.

البراكين

أما خلال النهار، فإن المدينة تتسم بالمزيد من الهدوء مع منازلها الأنيقة وشوارعها النظيفة وحياتها التي تسير على مهل، فضلاً عن الأماكن الثقافية الزاخرة من المتاحف والمعارض الفنية إلى دور السينما التي تعرض أفلاماً متواصلة عن عدد المرات التي ثارت فيها البراكين خلال فصل الصيف في آيسلندا على مر التاريخ. وعلى الرغم من أن هذه البراكين لا تزال عرضة للانفجار الدوري، إلا أنها أصبحت جزءاً من تجربة آيسلندا الجوهرية وألفت أهل البلاد. يمكن الوصول إلى هذه القمم والينابيع الحارة للبلاد بسهولة من العاصمة، أما البحر فقد أصبح وكراً كبيراً للحيتان، حيث تطفو العديد منها إلى السطح مع اقتراب القوارب. إنها مدينة اسكندنافية التوازن، جميلة بشكل طبيعي وممتعة على الطريقة القديمة، إنها ريكيافيك المكان الذي حتماً ستعود إليه مرات ومرات.

تاريخ ريكيافيك

تقع في الشمال القصي من العالم، أنشئت من قبل الفايكنج النرويجيين الفارين من ملكهم والأرقاء الذين تم أسرهم في إسكتلندا وأيرلندا خلال القرن التاسع عشر، حيث أطلق عليه إنغولفور أرنارسون وهو من الفايكنج اسم ريكيافيك ويعنى «الخليج الداخن» بعد أن شاهد البخار الصاعد من ينابيعها الحارة.
ظلت المدينة لا تتجاوز عدداً قليلاً من بيوت المزارع حتى منتصف القرن الثامن عشر لما بدأت المدينة في الازدهار كمجتمع تجاري صغير، وكان هذا بفضل دنماركي يدعى سكولي ماغنوسون، الذي أنشأ ورشات الصوف هناك.
وفي 1786، تلقت المدينة ميثاقها الخاص، وفي فترة وجيزة في 1798 كان البرلمان الآيسلندي قد تم إلغاؤه وتم إنشاؤه في ريكيافيك، وعلى الرغم من ذلك استمر الدنماركيون في الهيمنة على التجارة وذلك بفضل احتكار الحكم من قبل التاج الدنماركي، ولم يتم استئصال سيطرتهم حتى 1880، وبعد ذلك ازدهر نفوذ التجار الآيسلنديين.
و في القرن التاسع عشر، كانت حركة القوميين في حالة تصاعد، وفي 1874 وضعت آيسلندا دستورها، وبحلول 1918 أصبحت دولة مستقلة تحت التاج الدنماركي تعرف بمملكة آيسلندا.
ولكن لم تبق طويلا، فمع الاحتلال النازي للدنمارك والنرويج في 1940، استولت عليها بريطانيا والولايات المتحدة في محاولة للإبقاء على طرق التجارة العابرة للمحيط مفتوحة، وعرفانا لمساعدة آيسلندا، قامتا بمساعدتها على نيل استقلالها في 1944.
شهدت السنوات التي أعقبت الحرب تقدماً اقتصادياً سريعاً حولت ريكيافيك إلى المدينة الحديثة التي نراها. وعلى الرغم من التدهور الاقتصادي الذي شهدته في عام 2009 إلا أنها حققت تعافياً وعادت إلى أفضل حالتها.

أفضل وقت للزيارة

تقع ريكيافيك في ركن الجنوب الغربي للبلاد، لديها مناخ رطب مصحوب بالرياح، في كثير من الأحيان يكون مسبوقاً بهطول الأمطار، إلا أن تيار جولف يمنع أن يتحول طقسها إلى بارد جدا، أما الشتاء فيتميز بالطول والكآبة، مع نهار لا يبقى سوى 4 ساعات فقط في بعض الأيام، وعلى الرغم من وجود فرصة لرؤية أضواء الشمال المذهلة، إلا أن الصيف يأتي بشمس منتصف الليل الشهيرة، يبلغ متوسط درجة الحرارة في شهر يوليو/ حزيران إلى 11 درجة مئوية، إلا أنه ينصح بجلب الملابس الدافئة و الواقية من الماء لأن الأجواء يمكن أن تكون متقلبة.

أبرز مناطق الجذب المتحف البحري

يقع المتحف داخل مزرعة قديمة بجانب المرفأ، حيث يعكس هذا المتحف تاريخ البحرية للمدينة منذ انطلاقها في عهد الفايكنج، حيث يضم آلاف السفن والتحف المتعلقة بالبحر، بعضها عجيبة إلى حد كبير.

حديقة ومنتزه ريكيافيك

تناسب النزهات العائلية، إذ إن لديها 150 من الحيوانات المنتشرة و19 نوعاً من أنواع الطيور، فضلاً عن حوض الأسماك، تشتهر الحديقة بمواعيد إطعام الفقمة، وركوب الخيل، و ترفيه الأطفال.

حدائق بيرل

عبارة عن حدائق ذات مناظر خلابة، تضم أحواض ينابيع حارة صناعية وتقود إلى قمة جبل والتحفة المعمارية لريكيافيك، فهذا المبنى الزجاجي الضخم يضم مطعماً دائرياً ومتحف ساجا، فيما يعكس طابقه الرابع شرفة لمشاهدة المناظر الطبيعة للمدينة.

المعرض الوطني

يضم مجموعة من الأعمال الفنية والتماثيل للفنانين الآيسلنديين والعالميين والتي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر والعشرين، كما يضم أيضاً معارض مؤقتة للفنون الآيسلندية الحديثة.

المتحف القومي

تم تأسيسه في 1863، ولديه مجموعة كبيرة من الأدوات يمتد تاريخها إلى القرن الحادي عشر، ابتداء من من عهد الفايكنج، حيث يضم كل شيء من الأزياء التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى إلى الفخاريات القديمة، في حين أن جاذبيتها لا تزال تكمن في باب يصور معركة نورس يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر، إلا أنه يستضيف المعارض المؤقتة أيضا.

أنشطة أخرى ممتعة

على الرغم من أن مناخ آيسلندا ليس مناخاً استوائياً على وجه التحديد إلا الغطاسين المهرة يستطيعون الاستمتاع بالغطس في بعض أصفى المياه في العالم، بمستوى رؤية يصل 100 متر تحت المياه، ومن ضمن أشهر تلك المناطق منطقة سيلفرا، وهي عبارة عن أخدود تحت الماء بين الصفائح التكتونية لأمريكا وأورآسيا.

يوم في المنحدرات

يوجد أفضل منتجع في آيسلندا على بعد نصف ساعة بالسيارة من المدينة، حيث تقدم منحدرات بلافجول فرصة التزلج على الجليد للسياح للمبتدئين وأصحاب المهارات المتوسطة، فضلاً عن التزلج في أنحاء الريف.

رحلة الصيد

هناك فرصة رائعة لهواة الصيد من السياح لتجريب اصطياد أسماك السلمون المرقط في بحيرات آيسلندا، حيث يمكن الحصول على رخصة الصيد في وقت وجيز وبأسعار معقولة خاصة لعدم وجود طلبات كثيرة عليها.