ربما كانت جامبيا أصغر البلدان الإفريقية، إلا أنها تفوق وزنها من حيث الجاذبية السياحية، فبشواطئها المجيدة المنخفضة، وبلداتها الصاخبة التي تجمع بين المباني المعمارية الكولونيالية والأنشطة التقليدية، بجانب ثروة الحياة البرية، تعد أكثر الوجهات السياحية التي يمكن بلوغها في غرب إفريقيا، أمّا ما أجمل من ذلك، فهو لطافة أهلها الذين يتميزون بالكرم وحسن الضيافة، ولهذا يعرفها الكثير من الناس ب «الساحل الباسم».
تحيط بجامبيا جلالتها السنغال التي تعتبر أكبر منها بكثير، وتحمل إرثاً استعمارياً ومع ذلك لا تزال محتفظة بهويتها الخاصة الواضحة، وعلى الرغم من أن عامل الجذب الواضح كثيراً في هذه البلاد الناطقة بالإنجليزية، هو شمس شتائها المعتدل والممتع، إلا أنها زاخرة بالتاريخ والتنوع الثقافي المذهل ما يجعلها عصية على التصنيف، فلو كنت ترغب في الهرب من حشود المتسكعين تحت أشعة الشمس، فستكتشف جانباً آخر من البلاد غنية بفرص السياحة والترفيه، والرحلات البرية والحياة البرية ومراقبة الطيور.
تتداخل إحدى أعظم القنوات المائية في إفريقيا مع نهر جامبيا على نحو
لا انفصام فيه، تضم غامبيا مناظر طبيعية متباينة، وغابات استوائية غزيرة، ومستنقعات وساحات ومناطق واسعة لغابات السافانا، بجانب منتزهات ومحميات وضفاف النهر الغامبية، بما في ذلك منتزه كيانج وست الوطني أومنتزه ريفر جامبيا الوطني، حيث يتيحان فرصة الاستمتاع بمشاهدة ومراقبة كل الحيوانات البرية، من بينها القردة، والتماسيح، ومجموعة صغيرة من أفراس البحر، وأكثر من 500 نوع من الطيور.
وبالطبع فإن ساحله الباسم هو أحد أماكن الجذب الرئيسية، فليس هناك غير 80 كيلومتراً من الشريط الساحلي، غير أن شواطئها هي الأجمل في المنطقة، يُنصح السياح الذين يحرصون على موسيقى غرب إفريقيا والثقافات الريفية، بالتوجه إلى المسار غير المألوف وصولاً إلى القرى التقليدية في الريف، حيث تقام المهرجانات الصاخبة على مدار العام، ومناسبات تعج بصوت الطبول والرقصات المحمومة، فضلاً عن مباريات المصارعة التقليدية، ومع ذلك فإن أكثر ما يجذب غالبية السياح إلى هذا الشطر الصغير من إفريقيا هي شمسها المعتدلة وترحيب أهلها الحار ومنتجعات شواطئها الأطلنطية الباعثة على الاسترخاء.
تاريخ غامبيا:
لقد كان نهر جامبيا منطقة تجارية نشطة ومزدحمة منذ القرون الوسطى، وقد تنازع العديد من القوى الأوروبية خلال الفترة الاستعمارية حول أحقيتها للنهر مع سيادة بريطانيا عليه في آخر المطاف وبذلك أصبحت مستعمرة بريطانيا في عشرينات القرن الثامن عشر، محاطة بفرنسا التي كانت تحتل السنغال.
نالت غامبيا استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية وفي عام 1961 أقيمت أول انتخابات انتهت بفوز «داودا جاوارا»، صارت غامبيا آخر مستعمرة بريطانية في غرب إفريقيا تنال استقلالها، وذلك لأنها كانت صغيرة للغاية وفقيرة و ضعيفة ويرجع ذلك أساساً إلى كونها كانت صغيرة جداً وفقيرة، حيث ظهرت الشكوك حول جدواها الاقتصادية.
وقد تم الاقتراح بدمجها مع السنغال، إلا أنه قوبل بالرفض عند ما لم يتمكنوا من حل قضية تقاسم السلطة، وأخيراً في 1965 حققت غامبيا استقلالها وأصبح «جاوارا» أول رئيس وزراء للبلاد، قبل أن يتقلد منصب الرئيس عندما أصبحت جمهورية في 1970 كعضو في دول الكومنولث.
فترة من الأمل والازدهار النسبي تتطابق مع حقبة من الاستقرار السياسي، تبعث مع إجراء الانتخابات كل خمس سنوات، تعتبر جامبيا واحدة من أقدم الديمقراطيات ذات الأحزاب المتعددة في إفريقيا، ومع ذلك، فإن عدم الرضا داخل صفوف الجيش والانقلاب الفاشل في 1981، قاد إلى تأسيس كونفدرالية سينيغامبيا في 1982 بهدف توحيد البنية الدفاعية والسياسية والاقتصادية للبلدين، استمرت الكونفدرالية حتى عوضت عام 1989.
وعلى الرغم من ذلك، ظل الارتباط الوثيق بين البلدين منذ طلاقهما، وتفاجأ الجميع بالانقلاب غير الدموي في 1994، بيد أنه قوبل بالترحيب من غالبية السكان، وقد فرض الرجل العسكري، يحيي جامع، سيطرته ومنع النشاط السياسي في الحال، ورداً على ذلك توقفت الحكومات الغربية عن دعمها للبلاد وانهار القطاع السياحي، ولم يشهد تعافياً حتى دعا جامع لإجراء انتخابات في 1996، حيث حقق فوزاً في حينه وظل حاكماً منذ ذلك الحين.
منذ نهاية القرن، شهدت جامبيا طفرة اقتصادية كبيرة نسبياً مدعومة بالازدهار السياحي والاستقرار الذي لا تخطئه العين، فالبلاد تحتفظ بعلاقات قوية مع بريطانيا، وتعد إحدى بلدان غرب إفريقيا القليلة التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة رسمية أكثر من الفرنسية.
أنشطة متنوعة تجول بالعاصمة:
في العاصمة بانجول، ينصح بزيارة المتحف الوطني الذي يضم بعض أمتع العروض الإثنوجرافية، ومن ثم تجول لرؤية المباني المعمارية التي يعود تاريخها إلى العهد الكولونيالي في المنطقة القريبة من ساحة 22 يوليو، كما يمكن الاستمتاع بالتسلق إلى القنطرة لروية المناظر الخلابة للمدينة، وتسوق في ألبرت ماركت، سوق المدينة المفتوح في الهواء الطلق، للتعرف على حياة الناس اليومية.
استلق بالشاطئ :
غنجوور وكارتونج هي أكثر شواطئ جنوب جامبيا البكر وموطن لعدد من المنتجعات البيئية الرائعة، كما ينصح بزيارة كوتو، أفضل شاطئ على طول شريط المنتجع الرئيسي في غامبيا.
تعلم الرقص:
لو ترغب في مشاركة السكان المحليين رقصاتهم المميزة ؟ احجز موعداً مع مدرب رقصة الكورا الرقصة الغامبية الشهيرة، أو مع معلم الإيقاعات الذي يقوم بمساعدة الراغبين في شراء الطبول الصغيرة من محال بيع التحف المحلية.
استكشف محمية أبوكو:
يمكن للسياح التنزه مشياً عبر الغابات الاستوائية في محمية أبوكو الطبيعية، حيث يمكن الوصول إليها سهلاً من المناطق المنتجعية الرئيسية، تضم تماسيح وقردة وظباء غابية وسلاحف وأكثر من 300 نوع من الطيور، ينصح بزيارتها في الصباح الباكر.
المناظر من الأعلى:
يمكن الاستمتاع بمشاهدة ميادين وقرى وأخاديد وشواطئ جامبيا من على متن الطائرات الشراعية الخفيفة (المايكرولايت)، حيث تتوفر إمكانية الذهاب إلى الرحلات الطويلة والقصيرة من قاعدة الطائرات الخفيفة الموجودة المطار.
محمية كيانج وست الوطني:
قم برحلة عبر هذا المنتزه الوطني المذهل، حيث تتميز بنظام بيئي هو الأكثر تنوعا في جامبيا، حيث يستطيع السياح مشاهدة المزيد من النباتات والحيوانات أكثر من أي مكان آخر في البلاد، مثل القردة الجاذبة، والفهود والضباع، فضلاً عن مئات من أنواع الطيور وأكثر من ذلك بكثير.
أنسب الأوقات:
تقع جامبيا في منطقة يمكن القول إنها المناخ الأكثر قبولاً في غرب إفريقيا. الطقس شبه استوائي، تتميز بمواسم جافة وممطرة متميزة. من منتصف نوفمبر/ تشرين الأول إلى أوائل يونيو/ حزيران، تكون المناطق الساحلية عادة جافة، في حين أن موسم الأمطار يستمر من أواخر يونيو/ حزيران إلى أكتوبر/ تشرين الأول، فإن الموسم البارد يكون مدته أقصر، وتكون درجات الحرارة خلال النهار مرتفعة جداً بين شهري مارس/ آذار ويونيو /حزيران. تظهر الفترات المشمسة في معظم الأيام، حتى خلال موسم الأمطار.
هل تعلم
هل تعلم أن الموسيقى الغامبية المعاصرة تدمج الأصوات الغربية مع الصبار وهي الإيقاعات والرقص التقليدي لشعوب سيرير و ولوف.
هل تعلم أن نهر غامبيا يصل إلى عمق القارة الإفريقية، مما جعله موقعاً مهمّاً ومربحاً لتجارة الرقيق، ولكن بمجرد إلغاء تجارة الرقيق في القرن التاسع عشر صار النهر عاملاً استراتيجياً في نهايته.
هل تعلم أن غامبيا هي أصغر دولة في قارة إفريقيا .