تعتبر مدينة ساوثهامبتون الواقعة على السواحل الجنوبية لبريطانيا، وجهة رائعة تثير الفضول على استكشافها، بإرثها البحري الطويل الذي لا ينفصل عنها، يستقبل ميناؤها الخلاب أكثر من 4 ملايين زائر سنوياً، ويطلق على ساوثهامبتون «عاصمة الرحلات البحرية لأوروبا»، حيث لا تزال تنطلق منها مئات السفن البحرية سنوياً، وهو المكان الذي بدأت منه سفينة «تايتانك» رحلتها المشؤومة قبل اكثر من 100 عام.
تتمتع المدينة بالعديد من المعالم الجاذبة، كمبنى تدور هاوس اند جاردن التاريخي، الموجود في البلدة القديمة، حيث لا يزال يقبع جزء منه خلف الجدران الصخرية القديمة، فالبلدة القديمة تتمتع بأكثر من 90 مبنى من المباني التاريخية المدرجة، من بينها كنائس يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، لذا فالزوار الذين يسعون لقضاء اجمل الأوقات يمكن لهم قضاؤها وسط المدينة نفسها.
وتزخر المدينة أيضاً بالكثير من أماكن الترفيه، ما يجعل زوارها وقاطنيها على حد سواء، يقضون أوقاتاً مملوءة، بالمرح والاسترخاء، من بين هذه الأماكن معرض «سيتي آرت» الذي يعتبر أحد أفضل المعارض في الجنوب، حيث يغطى 6 قرون من الفنون الأوروبية، فيما يقدم مسرح «مايفلاور» المدرج بالفئة الثانية أفضل العروض، فضلاً عن متحف «سي سيتي» المرتبط بالإرث البحري الذي يحكى عن المدينة وروابطها البحرية، الذي يضم جناحاً مخصصاً لسفينة «تايتانك».
وتتباهي ساوثهامبتون بمراكز التسوق العصرية، مثل «مول ويست كواي» البارز الذي تفخر به، فضلاً عن مساحاتها الخضراء. وهناك العديد من المتنزهات داخل المدينة، ومع ذلك لا يحتاج المرء للسفر لمسافات طويلة للوصول إلى جزيرة «وايت» التي تستغرق 20 دقيقة بالعبارة، أو إلى خيران «نيو فوريست». ويستطيع السياح الاستمتاع بالرحلة البحرية على متن اكبر سفينة بخارية «إس إس شيدلهول» في بريطانيا.
تعتبر ساوثهامبتون نقطة انطلاق للعديد من الرحلات البحرية العالمية، حيث ظلت على حالها كمدينة بحرية على الدوام، بدأت فيها الحياة كمستوطنة صيد صغيرة في العصر الحجري، وكان استوطن فيها أفراد قبائل من العصر البرونزي قبل أن تصبح مركزاً لقبيلة بلجي خلال العصر الحديدي.
وتوسعت بعد احتلالها من قبل الرومان، وأصبحت البلدة تعرف باسم كلوزنتام، كما أضاف السكسونيون الذين خلفوا الرومان أيضاً، مبانيهم إلى المدينة، واصفين إياها ب» هامتون»، وبعد فترة وجيزة من الانحسار، وبفضل غزوة الفايكنج، حولها الاحتلال من قبل النورمان إلى ميناء إنجلترا الرئيسي.
و أضفى الملوك المتعاقبين عليها هيبتها، مثل هنري الثاني الذي قام ببناء قلعة ساوثهامبتون، والملك جون الذي حولها إلى مركز رئيسي للتجارة، وعلى الرغم من ذلك لم تجر الرياح بما تشتهي السفن، ففي عام 1338، هوجمت من قبل القراصنة الفرنسيين «جريمالدي»، وبعد عقد من الزمان، كانت ساوثهامبتون واحدة من أولى الأماكن التي استسلمت للطاعون «الموت الأسود».
وعلى الرغم من ذلك، أعادت ساوثهامبتون تأسيس نفسها خلال فترة حكم تودور، ولكن هذه المرة كمركز لتصدير الرصاص والقصدير، وكانت أيضاً قاعدة للقراصنة الذين دمروا السفن البحرية الإسبانية في القناة، كما أصبحت مركزاً لحركة المرور عبر الأطلسي، مع مغادرة سفينة مايفلاور من الميناء في 1623، وتبعها مستعمرون آخرون متجهين إلى منطقة البحر الكاريبي وجنوب إفريقيا وأستراليا وغيرها.
وبرغم الخراب الذي طالها بسبب الثورة الصناعية، صارت ساوثهامبتون في عهد الجورجيين بلدة للحمامات الصحية الوفيرة، وإضافة إلى كونها ميناء، أضحت مركزاً لبناء السفن، كما أن الفيكتوريين عززوا دورها كميناء رئيسي للمملكة المتحدة، وفتحوا أول رصيف في 1842، وقد تم ربطها ببقية البلاد عبر السكك الحديدية، لتصبح النقطة الرئيسية لانطلاق المهاجرين المتوجهين إلى العالم الجديد، بما في ذلك أولئك الذين كانوا على متن سفينة «تايتانك» في عام 1912.
تضررت ساوثهاميتون بالغارات الجوية خلال 1940، حيث كانت نقطة الانطلاق الرئيسية لعمليات إنزال «دي داي» الجوية، مكررة دورها خلال الحرب العالمية الأولى، واليوم ترسل المدينة آلاف السياح إلى الوجهات المشمسة عبر أرصفتها، وأصبحت تغادرها الرحلات البحرية المزودة بوسائل الراحة.
ملعب سانت ميري
يتسع ل 32505 متفرجين، وهو أكبر ملعب كرة قدم في جنوب انجلترا، أصبح مقراً لنادي ساوثهامبتون منذ 2001 ويستضيف تجهيز المباريات الدورية، خاصة في الفترة ما بين آب، أغسطس، وأيار، مايو. وتزدحم المنطقة للغاية خلال أيام المباريات، لذا ينصح السياح بالتخطيط للوصول في وقت مناسب إلى المدينة.
مسرح مايفلاور
ينصح عشاق الثقافات بالتوجه إلى مسرح مايفلاور الذي يعد أكبر مسرح في جنوب انجلترا، تم افتتاحه في 1928، حيث يقدم العروض الموسيقية والكوميدية ورقصات الباليه، والأوبرا.
متحف سي سيتي
تم افتتاح هذا المتحف المركزي الذي يجذب العائلات في 2011، حيث يعكس التاريخ البحري للمدينة من خلال مجموعة من المعارض والفعاليات والأنشطة التي تقام بشكل دائم، كما يتوفر جناح لتعليم الأطفال، ومجموعة من التحف البحرية والأرشيفات الأثرية.
قاعة الطيران
لعبت ساوثهامبتون وسولنت، دوراً رائداً في تطوير الطيران، حيث تمت صناعة أول طائرة بحرية في هذه المدينة، كما صنعت فيها أول طائرة مكافحة الحرائق اقترن اسمها بالحرب العالمية الثانية، كما تضم أيضاً طائرات تاريخية عدة.
معرض سيتي آرت
يقع هذ المعرض الفني المثير للدهشة في مبنى أنيق على طراز فن «الآرت ديكو» في قلب الحي الثقافي، ويحتوي على أكثر من 3500 عمل فني يمتد عبر ستة قرون من الثقافة الأوروبية، مع أعمال من فنانين متنوعين مثل جينزبورو جيلبرت وجورج.
مركز هوثورن للحياة البرية
يقع في الركن الجنوبي الشرقي من ساوثامبتون كومون، ويزرع ويدار كموطن لحياة برية مختلفة، وهو مكان رائع للتعرف إلى النظم البيئية المختلفة، ويناسب الزيارات العائلية، ويعتبر مكاناً مثالياً للانزواء عن وسط المدينة.
محمية نيوفورست للحياة البرية
تقع هذه المحمية المزدهرة على مساحة 10 هكتارات خارج المدينة تماماً، وتوفر فرصة لمشاهدة مجموعة كبيرة من الأنواع في بيئتها الطبيعية، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة حيوانات برية عدة، من بينها ثعالب الماء و الغزلان.
ميرجنت هاوس
تتبع وتدار من قبل هيئة التراث الإنجليزي، حيث تعتبر إحدى أقدم دور التجار في انجلترا، وأعيد ابتكار كل أثاثها على نسق الأثاث الأصلي، ويستطيع الزوار أخذ لمحة عن الأنشطة التجارية بالمدينة في ذاك الوقت.
هل تعلم ؟
* أن «برج غودز هاوس» هو أول برج تم تخصيصه للمدفعية البريطانية عام 1417؟
* أن ممشى «كنال ووك» الذي يعرف رسميا ب«ديتشز» كان في الأصل مجرى مائياً؟
* أن سفي نة مايفلاور، غادرت ساوثهامبتون في 1620، مصحوبة بسفينة ثانية تسمى «اسبيد - ول»، وظهر تسرب اضطرها للتوقف عند دارتماوث؟